صحيفة المشهد الإخبارية
انطلق قروب نجران السياحي صباح اليوم السبت الموافق 24 / فبراير / 2018 م
منفذاً جولته السياحية الثانية والتي شملت بعض آبار نجران (العدود القديمة). وتأتي هذه الجولة ضمن مشروع اجتماعي تطوعي تثقيفي يهدف إلى إبراز آثار وتراث الوطن عامة ونجران خاصة. وقد أنهى الفريق جولته عند الساعة الـ 5.30 مساء السبت وسيستكمل زيارة المتبقي من الآبار لاحقاً .
وفي الجولة زار أعضاء الفريق موقع للاستيطان البشري قبل الميلاد كما ذكرت اللوحة الموجودة بالموقع الأثري الذي يقع غرب وادي عرقان . ثم اتجهوا إلى بئر سلوه في منطقة حبونا وهي من العدود القديمة المعتبرة عند البدو الرحل . قال الشاعر في سلوه :
حمامٍ ورد سلوه يجر الهوى بالصوت
هني من قنى عشر ولا هو بزراعي
منهم ثلاث وربع علةٍ للجوف
ومن رافق الثنتين مايسمع الداعي
.
وبعدها توجهوا إلى نقوش أثرية في الجبال المحيطة ببئر سلوه . ومنها إلى بئر الحصينية وهي عد مشهور ذكره الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب . بعد الحصينية توجه الفريق إلى بئر بلقاء في منطقة الشعبة شمال مطار نجران وهي من الآبار القديمة التي كان يردها البدو وتحتضنها الجبال من جميع الجهات .وبعدها أخذ الفريق قسطاً من الراحة في العريسة . وفي تمام الساعة الثالثة عصراً انتقلوا إلى بئر الخضراء والنقوش الاثرية المنتشرة في الجبال القريبة منها . ويقول أحد كبار السن الذين كانوا ينزلون في بئر الخضراء بأن رجلاً يقال له (قحاف) هو الذي حفر البئر في قديم الزمان . والبئر مطوية بالحجارة كغيرها من الآبار ولكن تحت هذا الطي حجر تم نحته عميقاً حتى نبع منه الماء بطريقة مشابهة تقريباً لآبار حمى الشهيرة . وداخل البئر يوجد تجويف (غار صغير) في الجهة الشمالية يتموضع فيه من ينزلون البئر للانقاذ أو للتنظيف . ويضعون ربائع للسقيا (أعمدة خشبية قائمة)وكل مسقى له ربيعتان في وسطهما عمود منعرض يسمى(المعراض) تعلق فيه الدلاء .ولها أربع شرائع(مساقي) هي عير الجنوبي (عير جبل جنوب من البئر) ، والوادي القبلي(الشمالي)،
.
وعريسان الشرقي ، وأم لبده الغربي .وجدير بالذكر أن الجبال المحيطة ببئر الخضراء مليئة بالنقوش والرسومات مايدل على وجود استيطان بشري قديم جداً حول هذا الماء .
.
وقد ذكرت بئر الخضراء في كتاب بنات سبأ للرحالة البريطاني فيلبي وسأقتبس منه بتصرّف ..((بئر الخضراء يبلغ قطرها عشرين قدماً ومكسوة بالحجارة في جميع جوانبها … تعتبر منطقة توقف للسقيا ذات أهمية عظيمة لبدو يام الذين يجوبون الصحراء …وأثناء شتاء 1933-1934 م قام الجيش اليمني الذي احتل وادي نجران لأربعة أو خمسة شهور بتدمير هذه البئر لحرمان قبيلة يام المناوئة له من نقطة التجمع هذه . ولقد قامت الحكومة السعودية في الحقيقة بإعادة حفرها وإصلاحها لاحقاً … تعود ملكيتها لقبيلة يام ولكن تزورها القبائل الأخرى بحرية من أقرب الأماكن وأبعدها ، قبيلة وائلة وقبيلة الدواسر وقبيلة الصيعر …)).
.
وكشف الاستاذ مشعل آل قراد لـ “نجران نيوز” بأن الفريق ينوي القيام بجولات أخرى في ربوع التراث النجراني ويزور عدود أخرى لها أهمية كبيرة وذكرت في مراجع تاريخية مثل بئر يدمة وبئر خطمة وبئر تبراق وغيرها ،
وثمّن آل قراد مشاركة المرشد السياحي محمد حريش التطوعية مع القروب وجهوده التي بذلها في سبيل تحديد مواقع الآبار والتعريف بها. وأضاف.. إن جولتنا على الآبار التاريخية كانت أصعب وأكثر مشقة من جولتنا الأولى على المواقع الأثرية في حمى وغيرها. فكنا بمثابة من يشق الطريق لأول مرّة لتصبح سالكة وممهدة لمن يأتي بعده .
فالآبار حقيقة تحتاج إلى عمل يبرزها من حيث تحديد أماكنها، والتعريف بها في لوحات تثبت على المواقع، وتمهيد الطرق إليها، وتحديد يوم محدد لزيارتها بحيث تكون مفتوحة ومتاحة للسياح والزائرين .
المحافظة على الآثار في كل منطقة من مناطق الوطن الغالي واجب وضرورة لأنها ثراث قيّم وثمين ويعكس الماضي الجميل الذي كان يعيش فيه الآباء والأجداد. وقد كان لتلك الزيارة لمواقع الآبار القديمة التي كان لها شأن عظيم في حياة الناس سابقاً نكهة خاصة والوصول إليها متعب وشاق جداً وفي نفس الوقت فيه من المتعة الشيء الكثير.