
صحيفة المشهد الإخبارية
مسعدة اليامي- المشهد- نجران
الأطفال هم ثمار الحقول وفي الوقت الذي كان المكان عبارة عن قشيب أخضر فالبيئة في ذلك الوقت كانت ترقص في أجواء مطيرة تخضب الأرض. فتلك هي الطفولة التي خرجت من بواطن الطين الرطب، طفولة نابه ترعرعت في أحضان المسؤولية وروافد التكافل الإجتماعي الذي وثق الصلة بين البذرة والشجرة إلى أن أنجبت ثمرة ناضجة قبل الأوان من وحي الطبيعة الإنسانية. ضيف اللقاء علمته المسؤوليات كيف أن يكبر قبل أوانه وأن يكون عضو مشارك في الأسرة منذُ الصغر واليوم هو أحد الرموز الوطنية المشاركة في حركة التنمية الاجتماعية في وطنه من خلال ما يقدم من أعمال تساعد على خدمة شرائح متباينة من المجتمع، بالإضافة إلى نواة الثقافة الأدبية التي تشرق بشائرها قريباً على رفوف المكتبات. فإلى تفاصيل اللقاء مع سعادة اللواء م قناص أحمد آل سوار:
الوطن والوطنية ماذا تريد أن تذكر عن ذلك؟
الوطن حياة وأمل وعشق (ميت من يمشي على قدمين ولاينبض في أعماقهِ وطن).
الوطنية: أقوال وأفعال وأعمال تبني الإنسان والمكان والكيان وأقلام تدافع بحروفها عن كل من يصوب سهامه إلى الوطن. الوطنية أن تكون سفير لوطنك فوق أي أرض وتحت أي سماء
.
لكل عمل رغبة والرغبة بذرة أي عمل فماذا كانت تعني لك الأعمال الطوعية في الصغر وأثناء الدراسة والعمل؟
ونحن صغار كنا نشاهد التكافل في الزواجات. فكان هناك من يجلب الرز ومن يشعل النار ومن يساعد في تجهيز الخرفان وسلخها ومن لا يملك شيء يساعد في الطبخ وحمل الماء والوقوف فوق الضيوف وحول المائدة لإعطائه ما يرغب من شرب الماء أو الشاهي. أصبح ذلك التكافل يكبر يوم أثر يوم في دواخلنا، فتعلمنا من تلك الأفعال لذة مساعدة المحتاج تخرجت من الكلية وعملت في مدينه الملك عبد العزيز الطبية عايشت المرضى أتألم لألمهم وأتوق لمساعدتهم وفتح ملفات لهم وخاصة مرضى السرطان. كان الألم عندما يصل المريض في المرحلة الثالثة أو الرابعة مأساة فمن هنا زرعت بذرة يجب أن يكون هناك جمعية تخدم مرضى السرطان وكان للفكر دور في تأسيس جمعيةرعاية مرضى السرطان. ولإحقاق الحق ولدت البذرة من فكر الكاتب سالم مرعي آل سالم أبا نزار والدكتور هويج آل مخلص والمهندس حسن صالح شتيوي آل سالم، فتشابكت العقول وبدأت أول خطوة في ألف ميل، والآننجني ثمارها توعويا وتخدم المرضى من خلال صندوق عونك للمرضى الذين لديهم مواعيد خارج نجران وصندوق طارئ للمرضى الذين يأتون من خارج نجران للعلاج في مركز أورام نجران وصندوق أبشر لمساعدة المرضى وصندوق جسر رعاية والعديد من المبادرات التوعوية والإرشادية والإسكان التنموي.
التنشئة هي البيئة التي ترعرعت بداخلها فحدثنا عن أيام الطفولة والصبا والأماكن التي تمرها لتحرك لك تلك الذكريات؟
عشت الطفولة بعقليه الكبار كان والدي وحيد وكانت الحياة تتطلب منا العمل جميعاً كفريق لتوفير لقمه العيش ومجاراة أفراد القبيلة في الزراعة وكان هناك (بير) واحدة لأربع أسر ولكل أسرة يوم يسمى (نوب) كنت أذكر أني في الصف الثالث الأبتدائي بالمدرسة السعودية استيقظ من النوم قبل صلاة الفجر ثم أبحث عمن يعمل على تشغيل المكينة بينما أنا أتولى (ري) بمعنى سقاية. أرض والدي فعندنا في ذلك الوقت ولله الحمد مزرعتين تسمى (بئر رباب، وبئر فصيه). كنت في الفسحة أجري من المدرسة إلى المزرعة مسافة أربعة كم ذهاب وإياب من أجل تحويل الماء ثم أعود إلى المدرسة لذلك لم أعش طفولتي بل كنت كبير في جسد طفل.
في الغالب أن الإنسان بعد فترة العمل يبحث عن الراحة في التقاعد إلا النوادر وأنت من الشخيصات التي أثرت العمل على التقاعس ما الأسباب وراء ذلك؟
للعلم ولأول مرة أصرح بذلك أنا من طلبت التقاعد وأنا برتبة لواء والهدف تأسيس جمعية للسرطان ومرافقة أمي رحمها الله لأن مرض السرطان في رأسها بدأ يكبر وأنا أرعاها من أكثر من ١٧ سنة قبل أن أطلب تقاعدي في عام ١٤٣٧ وبعد خمس سنوات رحلت أمي وأحمد الله أن رزقني أن تكون فترة تقاعدي في خدمتها وطلب راحتها ورضاها. مرض السرطان سلب مني والدي وأنتزع من أعماقي أمي فأصبحت أشاهد الكون بعدهما بلا ألوان.
حدثنا عن مراحل الجمعيات الخيرية التي تشرف عليها بمنطقة نجران من ناحية (الفكرة والدعم والتحدي والمشاريع)؟
لكل عمل تحديات ودراساتِ العليا كانت في التخطيط والتحليل الاستراتيجي حولتها إلى المجتمعي ثم أصبحت أي مشكلة تواجهني هي نقطة استثمار وليست عائق بمعنى أنني أولد من المشكلة (بقرة) أسعى أن أستفيد من منتجاتها فكانت أي مشكلة أو عائق هي فرحة لي حتى أصبح لي قطيع من الأبقار لا أراها ولكن استثمر منتجاتها إيجاباً في تحقيق الهدف.
أكبر دعم لجمعية رعاية كان مليون ريال من رجل أعمال ليس من نجران بل من الرياض والدعم الذي يليه نصف مليون من رجل أعمال ليس من نجران بل من الرياض وبعدها هناك دعم من الوزارة ثم تبرعات من رجال أعمال من نجران أعلاها كان مئتين وخمسون ألف ريال والباقي من مائة ألف نزولا إلى ألف ريال ومائة ريال ,وأعجب تبرع عندي أزداد ألما كلما أراه نهاية كل أسبوع هو ريال يرسله أسبوعيا لطفل مريض بالسرطان من عام ١٤٤٠ حتى تاريخ هذا اليوم ومجموع مايتبرع به أربع ريالات تساوي عندي ملايين و تدخل علي سعادة ليس لها ثمن هنا نتعلم من فلسفة المتألم .. الذي يتبرع بأقصى ما عندهُ فما بال من لديهِ المال يحجم عن التبرع بحثا عن التصوير، والمدح، وفلسفة العطاء من يملك المال بحاجه للمريض والمحتاج لأنه يعطي مما أعطاه الله في دنياه ليجده ُكنز في صَحته وسعة رزقة وآخرته.
ما أهم وأبرز البرامج التي تعمل عليها الجمعيات الخيرة وكيف كان دور المرأة؟
عونك، أبشر، جسر،رعاية، طاري، التوعية لعموم أنواع السرطان. أماالمرأة والارض وجهان لعملة واحدة فمن الأرض خُلقنا ومن المرأة ولدنا وهم الأساس للحياة.
الكتاب خير جليس ماذا تقول لنا عن ذلك وما أهم الكتب التي قرأت؟
لي قصة مع الكتاب بدأت في عام ١٩٩١ عندما كنت في أمريكا. تتلخص في ما يلي عندما وصلت تكساس كان هناك اجتماع يطلق عليه ( بانكوت ) ليست انجليزيه بل إسبانية أو لغة دارجه وهي اجتماع للسكان مع الطلبة اختارتني عجوز كانت نقطه تحول لي في عالم الكتاب
.
الكتابة تحتاج إلى (استقرار نفسي، استقرار معرفي، استقرار مادي) كيف ترى ذلك؟
احتاج مع الكتاب لخلوة مع الذات وإذا اشتريت كتاب اعتبره ُيوم زفاف أحلق وألبس ملابس تليق به، ثم أختلي به ولا أبرح المكان إلا وقد أكملت قراءته، وأي كتاب أقرأهُ ثلاث مرات حتى استوعب أدق تفاصيله وأتعمق في كلماته وحروفه.
ماذا تعني لك نجران.؟
نجران همسات
في دروب الساكنين
حرف (ن) تبتدين
وحرف(ن) تنتهين
جنة في الأرض أنت تحتوين
ترتدين أزهى ثياب الزارعين
باسقات النخل رمان وتين
واحة غناء طهرتشربين
ماء وادي العدل يروي الواحتين
واحة ذات الشمال
وواحة ذات اليمين
سلسبيل الماء تجدفهاليدين
فضل ربي الماء فيك لا يغين
هذه نجران في أعماق فلسفتي على مر السنين استعرت ذلك من فكر رواية فتاة القيثارة
هل وحي الكتابة بدأ عندك من الغيرة الحميدة على تراث منطقة نجران؟
شغف الكتابة عندي من عام ١٩٩١ كنت أكتب الشعر في مجله المختلف وفواصل والصفحات الشعبية ثم تطور الأمر الى تأليف كتب وبحوث عسكرية وتوعوية
قصة الغيرة على التراث اشعلها في أعماقي حافي القدمين المبدع مشعل آل قراد فقد أرسل لي مقطع لرسم لوحة من آبار حمى رسمها سائح برازيلي لفتاة تعزف على آلة تسمى قديماً( امبيريا ) وحولها حرس مدججين بالسلاح و فتاة ترقص .ذكر الصديق مشعل في الرسالة. رسمها فأخذت مستوى متقدم في مسابقة عالمية نشرت في صحف أجنبية. فمن هنا بدأت أولى خطوات كتابة رواية فتاة القيثارة وتركت الروايات الأقدم. وأوليت تركيزي على كتابة الرواية التي أطلقت عليها العازفة واللوحة فتاة القيثارة. فقد زرتها أكثر من ثلاثين مرة على مدى عام مما خلق بيني وبينها قصة عشق خرجت من الصورة وأدخلتني عبر الزمن من خلال ثقب الإبرة ووضعتني على كرسي شاهدت من خلالهِ محرقه الأخدود بكامل تفاصيل أول حوار بين الحق والباطل بأسلوب أدبي وليس تاريخي. هنا لعبت الفنتازيا دور البطولة في شخصيتي التي سافرت عبر الزمن.
حدثنا عن مشروعك الثقافي الذي سمعت أنهُ خمس روايات وهل بين تلك الأعمال ثلاثية روائية؟
قبل أكثر من ثلاثون عام شرعت في كتابه رواية السواني ثم رواية الأغبر ثم رواية الأخوة الذين أضاعوا نعش أبيهم. لكن الباحث و المنقب بل عاشق الأثار وسراج البحث بحب الأخ والأستاذ والصديق مشعل آل قراد كان نقطة تحول لي في الكتابة السردية حيثُ بدأت في كتابة رواية فتاة القيثارة التي طبعت وقريبا توجد على أرفف المكتبات السعودية والعربية.وتعد رواية نافذة السماء الجزء الثاني للرواية. يعقب ذلك رواية درب السر التي أعمل عليها حاليا وفي السنوات القادمة بإذن الله سوف أطبع ما سبق من أعمال سردية أن شاء الله.
كيف تقرأ لنا تعدد المؤسسات الثقافية بالمنطقة وهل في ذلك ما يستحق الوقوف عليه كون أن هناك جهات تنحت، وجهات صامته، وجهات تقدم لفئة معينة وجهات موسمية وهناك ملاح بيت الثقافة بدأ الظهور وشريك أدبي غاب بعد وجود؟
حقيقة الثقافة ليس لها استراتيجيه محددة هي شمس تشرق والشمس تشرق على كل شيء ما عدا القلوب المتحجرة تعيش في ظلام! المؤسسات الثقافية يجب أن تخلع جلباب الأنا وتواكب العصر وتخرج للمتلقي بثوب يليق بهِ ويساعدهُ لمعرفة كينونتها في عصرنا. الوقت أصبح كلمح البصر والمعلومة يجدها الباحث عنها بسهولة وقد تكون مغلفة بغلاف براق وتخفي في أعماقها مرض أو توجه يحرف المسار. هنا دور المؤسسات الثقافية في حمل مشعل المعرفة لإنارة الطريق واستخدام أدوات التواصل الاجتماعي بطرق إيجابية لإيصال استراتيجيتها وأهدافها. المنطقة يوجد بها أدباء ومفكرين وكتاب وإعلاميين، لكن في زمن أصبح كلا يملك صحيفة وإذاعة وقناة مرئية. أختلط الحابل بالنابل وأصبح اختيار القدوة صعب لأن الغث والساذج وخالي الفكر أصبح مشهور وقائد وذي مكانة في الأوساط الاجتماعية والثقافية. بينما الكاتب المبدع صاحب المحتوى الجيد أصبح مطمور ومغيب عن الكثير من المحافل والمناسبات التي تستوجب حضورهُ. هنا يجب أن تحمل المؤسسات الثقافية استراتيجيه رمي طوق النجاة للأجيال بالقدوات التي تليق وتوجيه البوصلةلاختيار(الطبيب والمهندس والمخترع والكاتب والاعلامي المحترف)كقدوات لهم مكانتهم وذلك هو مربط الفرس.
ماذا تذكر لنا عن السياحة بمنطقة نجران وما الدور الذي تلعبه من أجل الاستدامة والمحافظة على البيئة والهوية النجرانية الماثلة بالتراث التاريخي؟
السياحة هي الصناعة بلا دخان ومنطقة نجران كنز من الاثار منها ما ذكره الله في كتابه الكريم الممثل في مدينه المؤمنين الأخدود وما تم تسجيله في اليونسكو مثل أبار حمى وعروق بني معارض والتاريخ والموروث والعادات والأعراف السامية..التي تجل الإنسان وتحترم الجار ولها احترام للإنسان والمكان والكيان والتعايش على مر الأزمان. مرورا بالمطر والنبات بعد المطر له حجر لا يداس ولا يتم الرعي فيه حتى يصل إلى مستوى معين، فالرعي في نجران يستمر ثلاثة شهور أخضر ومثلها مضاعف يابس فتنعم المواشي بالرعي لمدة تسعه شهور في العام. نجران زراعياً هي المدينة التي يزرع المحصول فيها ثلاث إلى أربعة قروء وتعد ثالث منطقه عالميا تحمل تلك الخصائص لأن درجة الحرارة لا تتعدى ٤٢ في الصيف ولاتنزل عن ٨ درجات في الشتاء. وهناك مقولة من ألاف السنين على مر الثقافات (نجران المدينة التي أي مكان يدفيك وأي مكان أو شجرة تظللك) وهذا دلالة على أن أي ظل في عز الصيف يمتزج بها نسمة هواء بارد وأي غار أو جبل أو جدار تجلس خلفهُ يحميك من البرد هنا التعاونية السياحية لديها استراتيجية للسياحة الزراعية والسياحة الطبيعية والسياحة التراثية والسياحة للموروث والفن النجراني والسياحة المعمارية والسياحةالتاريخية والسياحة الثقافية وسيكون لمكتبة أما بعد ومسرح قس بن ساعده دور في تفعيل ذلك.فمدينة الحوار نجران على مر التاريخ كنز من الموروث والتراث والأثار ويكفي أنها نبع أما بعد.
لا دور ولا تشجيع ولا دعم للإعلام بنجران حتى يكون له مكانة لذلك نجد الكل يكتب عن نفسه أو يكتب عنه المقربون فماذا تذكر عن ذلك؟
الأنا: بركان حممه تدمر كل شي بل عاصفة حارقة للأخضر قبل اليابس. لذلك يجب أن يحل محلها فكرٌ تتشابك فيهِ العقول قبل أن تتصافح الأيدي. مزن من الفكر تمطر قطرات من المعرفة والعمل الجاد.
في الأيام العالمية الثقافية (للرواية للكتاب ـ للقصة ـ للمسرح) نشهد معظم مناطق المملكة تحتفي بتلك المناسبات الثقافية وتكريم رموزها إلا نجران في سبات! ما رأيك في ذلك؟
يجب أن نرقى إلى مستواهم وننفض الغبار عن ثقافة ثرية وفلسفة لها عمق تاريخي تثمر أدب ومعرفة ونجران ولادة وقس لم يمت. عدت الى نجران قبل سبع سنوات كتبتني الكلمات الم
في عيون الساكنين من أكون:
يا مدينتي
لم أعد أعرف الشوارع
ولم أسمع في الباب قارع
تُهتْ فيك يا مدينتي
لم أعد أعرف الماضي من
المضارع
لهجتك بدلت وكلماتك طورت
واندثرت وحورت
كنتي في سوق عكاظ
رمز للسنين
للأحداث عبق الأولين
(أما بعد) في خطابات.
الكاتبين
الأوليين
والحاضرين
والقادمين
كان قس فيك بارع
يخاطب الملوك والحكام والأدباء
كان من ألمبشرين
ومازال رمز المثقفين
يكتب لينبض في كل عرق في أبنائك عز وعلم ولين
مداده نهر فيك مازال في قلوب الحالمين
وأخيراً ماهو الحدث او المشروع القادم لخدمة مرضى السرطان بمنطقة نجران؟
في منطقة نجران نعمل إن شاء الله على مشروعين :
الأول : سيكون هناك خلال الأيام القادمة تدشين وحدة الخلايا الجذعية بجامعة نجران ولي الشرف بأن أكون السفير الاستراتيجي لهذه الوحده٠
الثاني الذي نعمل عليه لمرضى السرطان سيتم الاعلان عنه في حينه وهو عبارة عن مشروع نسأل الله تعالى أن تكون فيه الفائدة الكبرى لمرضى السرطان وأن يكون واقع بإذن الله٠