عن الكاتب
مصطلح التغيير أكثر مصطلح ومفردة يستخدمها السعوديون منذ إطلاق رؤية2030، رغم أن هذا التغيير ليس واضح المعالم والآليات للكثيرين. وبعد القرارات المبدئية وفي ظل غياب المعلومة الصحيحة وقلة مصادرها أصبح واضحًا وملموسًا أن مفردة التغيير تحولت من مفردة تلامس المشاعر وتحيي الأمل في النفوس بتحسن الحال إلى مفردة تُثير الترقب والتوجس والخوف من تردي الحال.
وفي سياق الحديث عن التغيير؛ لفت نظري وتفأجاتُ -وبكل صراحة أجدها أكثر كلمة تعبر عن حالي- بمُبادرتين في نجران لمديرَي أهم إدارتين حكوميتين، وبدون قصور في أهمية باقي الإدارات وما يفترض أن تقدمه من خدمات للمواطن، إلا أن التعليم والصحة تعتبران الأهم لمجتمع متعلم وصحي.
المُبادرة الأولى كانت لسعادة المدير العام للتعليم، والذي استلم مهام عمله قبل عدة أشهر، وتمثلت في إطلاقه لاستطلاع رأي إلكتروني “حول الرغبة في شغل منصب قيادي في الإدارة”، في مبادرة غير مسبوقة وتنم عن توجه للتغيير ورغبة للتجديد في وقت أصبح لدى الكثيرين هاجس بصعوبة التغيير في قيادات التعليم، مُبادرة تميزت باستخدام التقنية للتقديم لمن يرغب بعيدًا عن الأسلوب التقليدي في التقديم والترشح، ورُبطت بالمدير العام بشكل مباشر.
المُبادرة الثانية كانت لسعادة المدير العام للشؤون الصحية، والذي استلم مهام عمله مؤخرًا، وتمثلت في زيارة مفاجئة لمستشفى الملك خالد في وقت متأخر من الليل، وأعقبها في يوم آخر بزيارة مفاجئة لمستشفى الولادة والأطفال فجرًا، في مُبادرة افتقدناها كثيرًا وتنم عن توجه للوقوف على الواقع والسعي للتغيير والتطوير في وقت أصبح لدى الكثيرين هاجس بصعوبة تغيير حال الصحة المتردي. مُبادرة تميزت بتذكيرنا بالأسلوب الناجح للدكتور غازي القصيبي (رحمه الله) عندما عُين وزيرًا لوزارة الصحة وكان لها أثر كبير في تغير حال الصحة في ذلك الوقت، وقام بها المدير العام بنفسه مُطبقًا لنصيحة إدارية في كتاب القصيبي (حياة في الإدارة): “اختبر بنفسك الخدمة التي يقدمها جهازك”.
مُبادرات تستحق تسليط الضوء عليها لأنها تلامس المشاعر وتحيي الأمل في النفوس بتحسن الحال وأنها أولى خطوات التغيير، ولاكتمال الصورة يجب أن يتبع هذه المُبادرات خطوات عملية نحو التغيير المنشود لتصبح مُبادرات ذات قيمة وأهمية، وبالمقابل -وبكل صراحة- كُلنا ترقب وتوجس وخوف من ذهاب حماس البدايات والتركيز على الفلاشات وموت فرحة التغيير وتردي الحال.
وحتى لا يكون هذا -لا قدر الله- لا بُد من همسة للمديرَين الفاضلين بنصيحة أخرى للقصيبي (رحمه الله):
“على القائد الإداري ألا يتردد في اتخاذ القرارات الضرورية ولو كانت مؤلمة، وإذا لم تكن للقائد الإداري القدرة على نقل موظف -لم يعد قادرًا على العطاء من موقعه- فمن الأفضل ألا يتصدى للقيادة الإدارية”.
محمد بن حسن وعلان
“نجران نيوز”