عن الكاتب
في زياراتك لمدن المملكة تقف على الإنسان قبل الجغرافيا والتاريخ، نحن نعيش في قارة مترامية الأطراف، وكل موقع ينهض شامخاً يباري مواقع أخرى؛ يباري الآخرين في إظهار الكرم والنخوة والترحيب والمفاخرة بما أنجز أبناؤه من صنيع يضاف إلى أمجاد سبق بها الآباء والأجداد.
قضيت عدة أيام في مدينة نجران، فَهِمْتُ بالإنسان هناك، كل ما يخطر في بالك من خصال حميدة تجدها في الإنساني النجراني.
وفي نجران التقت ثلاث ديانات، ولكل دين حكاية مع هذه البلدة الموغلة في الزمن.
تصور أنك سرت على أرض لها حضارة منذ 3000 سنة أو تزيد.
ولذلك فإن إنسان تلك الأرض اتسم عبر الأزمان بروح متوثبة.. معتدّة.. فذّة.
للأسف، نحن لا نقرأ تاريخ أماكننا، فليتنا نقرأ ذلك التاريخ العابر لمدننا، مدن أمسكت بخطام التاريخ حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه، ليست مدينة واحدة، بل عدد كبير منها كانت به حضارة وممالك، وطرق الأزمان الغابرة، ليتنا نقرأ ونهتم بمدننا بما يليق بالزمن العابر للأرض والإنسان والتاريخ في تلك المدن، فالزمن أداة تنوير.
ولذا أجد نفسي حانقاً، وإن أردت تخفيف الوصف قلت لائماً لكل مؤسسات البلد المعنية بـ(الثقافة، والسياحة، والآثار) على ما هو عليه الموقع الأثري (الأخدود) بمدينة نجران.
كيف يمكن لملمة الأعذار لتلك الجهات التي أهملت أثراً تجاوز ثلاثة آلاف سنة؟ كيف نعتذر للتاريخ وللأثر الذي وُجد في القرآن كآية ذكرها الله وأدخلها في قرآنه؟ كيف؟
آية ربانية تهمل بهذه الصيغة التي هي عليها الآن!
لا يمكن لوزارة معنية بالآثار أن ترفع رأسها وهي مهملة إهمالاً ذريعاً أثراً كالأخدود
ما فائدة أن تكون جهة معنية بالآثار ولا تقوم بدورها الفعلي في المحافظة على أثر كالأخدود؟
والله تأسفت كثيراً لما عليه ذلك الأثر.
يا ناس هناك دول «تصجّ» العالم لأثر لم يتجاوز الألف عام، ونحن لدينا عشرات المواقع ونذكرها على استحياء، هذا إذا ذكرناها.
هل من المعقول أن نناشد رأس الهرم السياسي في كل أمورنا؟ نعم، لابد من فعل ذلك، بسبب أن المسؤول المعني بالأمر لم ينفذ مهامه.
أعيد جملتي: الزمن أداة تنوير، فكيف نهمل أثراً ينير للبشرية وليس لنا فقط؟
“نقلاً عن عكاظ”