عن الكاتب
في السنوات الأخيرة تغيّرت حياتنا بشكل ملحوظ، وصارت العوالم الرقمية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية بل وأصبحت مكتظّة بالعابرين بين صفحاتها. منصات التواصل الاجتماعي باتت فضاءً مزدحمًا بكل أنواع المحتوى، من الترفيه والسخرية والنكات، إلى العلوم والمعرفة، مرورًا بالابتذال والإسفاف. ورغم إدراك الجميع لقيمة ما يتابعونه، سواء كان تافهًا أو ثريًا، إلا أنّ هناك في الغالب إصرار على تكراره لأنه ينسجم مع “طقوسهم” اليومية والطقوس ليس لها منفعة إنما فقط ممارسة.
وسط هذا الزحام المليء وبين المشاهير وأصحاب المهارة والإبداع ، برز اسم مهذل الصقور في بودكاست ثمانية مع الإعلامي القدير خالد عون، ليأسر المتابعين بجمال حرفه وبمزيج المعرفة والثقافة والحس الجمالي البارز، كان حديثه وشعره العذب يلامس القلوب، فحققت الحلقة مشاهدات مليونية وتفاعلًا واسعًاً بكلماته العميقة وصور الشعرية البديعة، كان كالنور الذي يبدد العتمة ويضيء العقول وخطف الأبصار نحوه وامتلئت الصفحات والكلمات تصفه بمواقع التواصل الإجتماعي.
ويطرح هذا الظهور اللافت تساؤلًا: لماذا لم يظهرْ مهذل الصقور طيلة هذه السنوات؟ وكيف لم يظهر بهذا الجمال والإبداع من قبل؟ صحيح أنه شاعر بما تعنيه الكلمه من حروف؛ ولكن للظهور شكل آخر يظهر جوهره وما تحمل أفكاره وكما قال الفيلسوف اليوناني سقراط ” تكلم حتى أراك ”
قدّم لنا تجربة فريدة أروت الذائقة بعد عطش طويل، وأثبت أن الشعر وجمال الحرف وثراء المعرفة ما زال قادرًا على أن يدهش ويؤثر من بين الشخصيات المعروفة والبارزة على مستوى الوطن.
إن بروز شخصيات مثل مهذل الصقور يبعث الأمل بأن المجتمع يمكن أن يرتقي بفكره وذائقته وينهض بفكره ووجدانه، وأن المحتوى الراقي ما زال يجد مكانه وسط ضجيج المنصات بين كل محتوى متألق بالقول والفكر ويبهر أذهان الجميع.
أ. حمد دغفان
“صحيفة المشهد الإخبارية”










