المشهد الإخبارية

مشعل بن عبدالله – نجران

كثيرون من أهالي نجران – كغيرهم من قبائل العرب – يزعمون بأن أبو زيد الهلالي قد استوطن ديارهم,وأنه كان يسرح ويمرح في وديانهم ينظم الأشعار ويتغنى بجمال الطبيعة,وأن له في شعابهم صولات وجولات!,ولهم في ذلك حكايات يتداولونها في مجالسهم,ومما ينسب إليه قوله: “تمنيت يلغمصان عمري بعمرش,,,وحسبت أنا الفاني وانتي الباقيه” والغمصان اسم موقع شرق الأخدود, ولعل من أبرز الشواهد التي يوردها النجرانيون لإثبات  هذه الرواية هو ذلك البيت الحجري الواقع في جبل السوداء بحي سقام ,حيث يدّعون بأن أبو زيد الهلالي هو من شيّده في قمة ذاك الجبل.

وخلافاً لما يرويه الأهالي عن حقيقة هذه القلعة الحجرية وعن قصص بني هلال في نجران,أعتقد بأن هناك علاقة وثيقة بين القلعة ومدينة الأخدود المجاورة لها,فثمّة العديد من الاحتمالات يكمننا تصورها عن هذه القلعة..فمن المحتمل أنها بُنيت في الحقبة الزمنية التي حدثت فيها محرقة الأخدود,وأنها كانت مرصداً لمراقبة حدود رقمات(الأخدود سابقاً) ورصد تحركات الأعداء حولها,وفيما لو صح هذا التصور فإنه يوحي بوجود جيش  منظم وقوي لرقمات,ما يُرجّح وقوع ملحمة عظيمة بين جيش الرقماتيين وجيش الملك الحميري ذو نواس,وهذا الافتراض- في حال ثبوته-  سينسف الرواية التقليدية عن واقعة الأخدود,وهي أنّ ذو نواس سار إلى الأخدود بجنوده ودخلها دون قتال أو بعد مناوشات محدودة,ثم دعا أهلها إلى اليهودية وخيّرهم بين اعتناقها والحرق فاختاروا الحرق!.وبناءً على تصور وقوع الحرب الطاحنة بين الطرفين تتضح لنا الفئة التي تم حرقها ,ألا وهم الشيوخ والنساء والأطفال,ويعزّز ذلك ما ذُكر في كتب التاريخ عن رضيع الأخدود الذي كلّم أمه طالباً منها القفز به في نيران الأخدود الملتهبة.

كل هذه الاحتمالات واردة ولكنها تظل في إطار التكهّنات والتخمينات ما لم تنهض الهيئة العامة للسياحة والآثار بمسؤولياتها, وتقوم بالبحث والتنقيب في هذا الموقع لاستجلاء الحقيقة,والأهم من ذلك أن تقوم بتحرير القلعة من أسر المكان!,فهناك عدد من المنازل تقع أسفل جبل القلعة,مما يجعل الصعود إليها أمراً صعباً ومحرجاً,فلو قامت الهيئة بمشروع سياحي يستهدف إبراز القلعة كمعلم أثري,ويتم من خلاله انتزاع الملكيات الخاصة المجاورة للموقع, ومن ثم دفع التعويضات المرضية لأصحابها كما هو الحال في مشاريع الطرق؛لكان هذا المشروع إضافة حقيقية لرصيد المنطقة الأثري والتاريخي والسياحي.

ولأنني لا أعوّل كثيراً على الهيئة في الاهتمام بالمواقع الأثرية وتطويرها؛فقد عدلت عن إبلاغهم بشأن هذا الموقع الأثري,فمنذ سبع سنوات تقدمت إلى الهيئة بملاحظات واقتراحات تناولت فيها..عمليات التنقيب التي تتم في الأخدود.. الجهة المنقبة..أساليب التنقيب..القطع الأثرية..المتحف..ورؤية تطويرية لمدينة الأخدود الأثرية,وللأمانة فقد جاء رد الهيئة سريعاً في غضون أيام وإيجابياً أيضاً,ومما ورد فيه”نشكر لكم اهتمامكم,ونفيدكم أن إستراتيجية قطاع الآثار والمتاحف التي أعدتها الهيئة سوف تعالج الكثير من القضايا الواردة في خطابكم”.. وبعد مرور هذه السنين ما يزال الحال على ما كان عليه, ولم تعالج الهيئة شيئاً من تلك القضايا!!.

ويبقى السؤال:من يستنطق هذه القلعة الصامتة لتبوح حجارتها بسرها المكنون؟.

أمنية:

أتمنى أن تُقَص كلمة الآثار من مسمى الهيئة العامة للسياحة… وأن تُلصق بجامعاتنا,لحيث وأن تلك الصروح الأكاديمية هي المؤهلة للتعامل مع الآثار من حيث الدراسة,التحليل,البحث,التنقيب,الترميم,والتطوير..

وسبق أن أفصحت عن هذه الأُمنية في أروقة جامعة نجران,وذلك لاعتقادي بأن استحداث كلية متخصصة في علم الآثار بالجامعة يعتبر ضرورة ملحة يفرضها الواقع الأثري والتاريخي لنجران,فالآثار هي في الأصل علم قبل أن تكون سياحة,والعلم مقدّمٌ على …!!.

ة

IMG_2567
IMG_2497 IMG_2504 IMG_2508 IMG_2509 IMG_2510 IMG_2517-1 IMG_2518 IMG_2519 IMG_2519-1 IMG_2525 IMG_2529 IMG_2532 IMG_2533 IMG_2534 IMG_2536 IMG_2537 IMG_2539 IMG_2540 IMG_2541 IMG_2545 IMG_2546 IMG_2549-1 IMG_2550 IMG_2558 IMG_2562 IMG_2567 IMG_2569 IMG_2571 IMG_2576 IMG_2580 IMG_2583 IMG_2591

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

الإدارة العامة للمرور تبدأ تطبيق تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة على مرتكبيها بنسبة (50%)

الخميس, 18 أبريل, 2024

اكتشاف خندق دفاعي وسور تحصين يعود تاريخهما إلى عدة قرون في جدة التاريخية

الخميس, 18 أبريل, 2024

عرض سعودي «غير قابل للرفض» للاكازيت

الأربعاء, 17 أبريل, 2024

دراسة تحدد أفضل وقت في اليوم لممارسة الرياضة “لخفض خطر الوفاة المبكرة”

الثلاثاء, 16 أبريل, 2024

القوات الجوية تُشارك في التمرين الجوي المختلط «علَم الصحراء» في الإمارات

الثلاثاء, 16 أبريل, 2024

ألبوم الصور

كتاب الرأي

3 Comments

  1. الشيشاني مايو 11, 2013 في 5:25 ص - الرد

    شكرا ً ايها العالم الأثري ع هذه الملاحظات التي تصب
    أولا ً وأخيراً في مصلحة المنطقة خاصه والمملكة عامه
    هذا تراث يحكي الكثيييييير والكثييييييير من ماضينا
    و يجب على كل القطاعات الحكوميه والقطاعات الخاصة
    أن تعمل كشخص واحد في انتاج المصلحه العامه….
    وما تفضل الكاتب بإظهار نقطه مهمه جداً جداً الا وهي
    علم الآثار كما يفعل علماء الغرب فهم متخصصون ويبحثون
    في كل بلدان العالم عند انقطاع الآثار في بلادهم فمن
    الأجدر ان ابناء الوطن هم الأحق في البحث والتنقيب
    والتحليل والتقييم والجمع وأخيراً إظهار النتائج..

  2. الشيشاني مايو 11, 2013 في 5:31 ص - الرد

    ادارة الصحيفة نرجوا التفضل
    بالتركيز في الصفحة…
    حيث انه لا يظهر ع الشاشة
    الا نصفها والنصف الاخر
    لا اعلم اين هو هل الخلل
    فني ام ماذا؟… نرجوا الاهتمام
    لأن بعض الكلمات في اواخر
    السطور لا تصلنا
    ودمتم

  3. ابو عبدالله مايو 12, 2013 في 2:48 م - الرد

    وجود الصليب مؤشر على أنها كنيسه….ربما
    أيضا وجود الصليب يجعلنا نتساءل….لماذا شاهدنا الصليب هنا ولم نشاهده في الأخدود….أين ذهبت صلبان الأخدود؟؟؟؟؟؟؟
    من المؤكد أن بروز هذه القلعة سيثير تساؤلات وتصورات عديدة للمشهد

اضف تعليقاً إلغاء الرد

أخبار ذات صلة