عن الكاتب
صديقى الودود كان يخرج من قصص حبه دائماً موجوع القلب، كان مثالياً بالشكل الذى يجعله الأفضل والأقرب للجميع بلا استثناء، لا ينافق ولا يحب المنافقين، يجتهد ويحب المجتهدين لذلك كان يرى أن حياته ستكون صعبة فى ظل النفاق الإجتماعي الحالي لأنه على النقيض تماماً من أفكاره، ولأن الناس تتعامل مع صفاته تلك.. معاملة الساذج العبيط.
.
لم تكن قصة حب فاشلة لأنه أقلع عن تلك العادة، بعدما اكتشف أن المشاعر التى تملأ الأسواق الآن فاسدة، كان قلبه موجوعاً بجد، قلب عليل من تلك القلوب التى اكتشف صاحبها بعد إجراء فحوصات طبية بالصدفة أنها تنبض بغير انتظام، وأنه يحتاج إلى عملية أو ما يزيد، كما يحتاج إلى معاملة خاصة، قال لى إنه لن يستطيع أن يوفرها لقلبه فى ظل قساوة ظروفه.
.
صديقى الذى يحمل من سنين العمر «35» أصبح يحمل قلباً مريضاً وغير قادر على العناية به طبقا لتعليمات الطبيب، الجزء الخاص بغرفة العمليات لا يخيفه إطلاقاً، أما الجزء الخاص بالهدوء وعدم الإنفعال والغضب فهو يخشاه تماماً. سألنى كيف أمنع قلبى من الانقباض وهو يرى أطفالاً صغار يبحثون في ردهات المقصف المدرسي عن إفطارهم، وكيف سيمنع قلبه من الغضب حينما يرى أولئك المرضى الفقراء وهم يقفون بجروحهم التى تنزف أو بوجوههم التى تصرخ من المرض الذى ينهش أجسادهم على أبواب بعض المستشفيات الخاصة؟طالبين منهم الرحمة التى لا يملكون منها إلا البعض اليسير؟، وكيف سيمنع قلبه من الانفعال حينما يرى صاحب المستشفى وهو يرفض استقبال اليتيم والفقير والمعوز لأنهم لن يستطيعوا دفع الرسوم الباهضة ؟
وكيف سيحافظ على هدوء قلبه العليل وهو يشاهد عماً مستبداً وأطفالاً يبكون لأجل آبائهم الذين سكنوا القبور فسلب مالهم بدون وجه حق ؟
سألنى ولم أستطع أن أجيب!
كلكم تقولون عليه الآن إنه مثالى زيادة عن اللزوم، ولكنه فقط مازال يحتفظ بذلك القدر البسيط من الإنسانية التى فقدناها، ولذلك نحن نعيش بقلوبنا الصحيحة التى أغلقت شرايينها عليها، ولم تعد تهتم بأن يكون العالم من حولها أفضل، فقط تهتم بأن تؤدى وظيفتها بضخ الدم فى العروق حتى لو كان هذا الدم مصابا بفيروس «سى»، و”صديقي” هذا يعيش بقلبه الموجوع لا يريد أن يقاوم لأنه يرى أن «اللمبة» التى كانت تنير له بمستقبل أفضل فى نهاية الطريقة.. قد انطفأت.
.
حسين عقيل
“المشهد السعودي”