صحيفة المشهد الإخبارية
قال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك يوم الأربعاء إنه تلقى تقريرا وهو في السلطة يفيد بتسلل نحو 800 مسلح لحدود البلاد الشرقية عبر أنفاق لدعم جماعة الإخوان المسلمين إبان انتفاضة يناير كانون الثاني 2011 التي أنهت حكمه الذي استمر 30 عاما.
وشهد يوم الأربعاء أول مواجهة بين مبارك والرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان خلال إدلاء مبارك بشهادته أمام محكمة للجنايات تنظر إعادة محاكمة مرسي وآخرين في قضية تتعلق باقتحام الحدود الشرقية وعدد من السجون أثناء انتفاضة يناير كانون الثاني.
واتهم مبارك (90 عاما) حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة بإرسال هؤلاء المسلحين كي تزيد ”الفوضى“ التي بدأت مع انطلاق الانتفاضة يوم 25 يناير كانون الثاني.
وأضاف أن المسلحين هاجموا أقساما للشرطة واقتحموا سجونا وأطلقوا سراح سجناء وقتلوا رجال شرطة.
ويُحاكم مرسي في عدة قضايا يتصل بعضها بالاحتجاجات العنيفة التي اندلعت عقب إعلان الجيش عزله في يوليو تموز 2013 إثر احتجاجات حاشدة على حكمه، ويتصل بعضها باتهامات من بينها التخابر مع جهات ودول أجنبية. وصدرت بحقه أحكام نهائية بالسجن في بعض القضايا.
ورافق مبارك في جلسة المحاكمة اليوم نجلاه علاء وجمال، واستغرقت شهادته نحو ساعة ونصف.
وعقدت الجلسة، التي حضرها صحفيون من رويترز وأذاعت قناة فضائية خاصة جزءا منها على الهواء مباشرة، في معهد أمناء الشرطة في طرة بجنوب القاهرة. ويقع المعهد بجوار مجمع سجون طرة الذي يُسجن فيه مرسي.
وبينما دخل مبارك القاعة مرتديا بذلة وربطة عنق ويتوكأ على عكاز كان مرسي يجلس في قفص الاتهام الحديدي المحاط بزجاج سميك وهو يرتدي ملابس السجن. ومن بين باقي المتهمين الذين حضروا جلسة يوم الأربعاء محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان وعدد كبير من كبار قادتها.
وكانت محكمة جنايات حكمت في عام 2015 على مرسي وبديع وعدد آخر بالإعدام في قضية اقتحام الحدود والسجون، وعاقبت آخرين بالسجن المؤبد لإدانتهم بعدة تهم من بينها خطف وقتل وشروع في قتل ضباط شرطة وحرق ومهاجمة منشآت حكومية وشرطية.
لكن محكمة النقض، وهي أعلى محكمة مدنية في البلاد، أمرت في 2016 بإلغاء الأحكام وأمرت بإعادة المحاكمة أمام دائرة جنايات جديدة.
وشملت قائمة المتهمين عشرات وصفتهم المحكمة بأنهم أعضاء في حماس وحزب الله.
وكان مرسي أحد من خرجوا من السجون يوم 29 يناير كانون الثاني 2011.
وفي بداية جلسة اليوم الأربعاء وقف مبارك الذي بدا عليه الوهن عند منصة الشهود للإدلاء بشهادته، لكن القاضي محمد شيرين فهمي رئيس المحكمة قال ”لاحظت المحكمة أن الشاهد طاعن في السن ولا يقوى على الإدلاء بشهادته واقفا“، وأمر بإحضار مقعد له.
وفي البداية رفض مبارك الإدلاء بشهادته إلا بعد الحصول على إذن من رئيس الجمهورية الحالي عبد الفتاح السيسي والقيادة العامة للقوات المسلحة نظرا لأن شهادته تتضمن أسرارا للدولة وتتعلق بأمنها.
وقال ”عاوز إذن للكلام، أرجوكم عايز إذن، علشان ما ارتكبش مخالفة“.
لكنه استجاب لاحقا لطلب القاضي بالإجابة على بعض الأسئلة التي لا تتضمن أمورا تتعلق بأسرار وأمن البلاد.
ووجه القاضي له عشرات الأسئلة التي تتعلق بالأوضاع الأمنية إبان الانتفاضة.
* زيادة الفوضى
كان مبارك يجيب أسئلة القاضي بصوت ضعيف في بادئ الأمر لكن صوته أكتسب قوة بمرور الوقت.
وبدا غير صبور في بعض الأوقات وكان رده على كثير من الأسئلة بأنه لا يعلم أو ليس لديه تفاصيل. وفي أحيان كثيرة كان يمتنع عن الإجابة لأن ما يعرفه أسرار دولة تحتاج إلى إذن قبل الحديث عنها.
ومبارك نفسه هو أول من خضع للمحاكمة من الزعماء الذين أطيح بهم في انتفاضات الربيع العربي، وأذهلت مشاهد مثوله في قفص الاتهام العرب وغير العرب. وسُجن مبارك نحو ست سنوات على ذمة المحاكمة في أكثر من قضية.
لكن محكمة النقض برأته في مارس آذار العام الماضي من تهمة قتل متظاهرين أثناء الانتفاضة، وأدين وابناه في قضية فساد تعرف باسم (القصور الرئاسية) بحكم نهائي وعوقبوا بالسجن ثلاث سنوات لكنهم كانوا قد أمضوا هذه المدة في الحبس الاحتياطي.
وقال مبارك في شهادته أمام المحكمة يوم الأربعاء إن اللواء عمر سليمان مدير المخابرات العامة الراحل أبلغه يوم 29 يناير كانون الثاني أن ”قوات اخترقت الحدود ومسلحة وعددهم كبير حوالي 800 شخص“.
وأضاف أن سليمان لم يخبره عن جنسياتهم أو الجهات التي ينتمون لها لكنه قال في وقت لاحق ”هو (لم يبلغني) لكن معروف هما جايين منين: من غزة.. من حماس“.
وتابع أن أشخاصا في محافظة شمال سيناء المصرية لا يعرف هويتهم سهلوا مهمة المسلحين الذين دخلوا البلاد عبر الأنفاق ”عشان يزودوا الفوضى في البلد.. (وهؤلاء) تعاملوا مع الإخوان المسلمين“.
وذكر مبارك أن المسلحين ارتكبوا أفعالا ”تمس أمن البلاد“ مثل مهاجمة أقسام ومقار للشرطة وسجون في مناطق مختلفة وأطلقوا سراح سجناء ينتمون لحزب الله وحماس وجماعة الإخوان فضلا عن الانتشار في ميادين يتجمع فيها المحتجون وإطلاق النار من فوق أسطح المباني التي تطل عليها خاصة ميدان التحرير بوسط القاهرة.
وأضاف أنهم قتلوا العديد من رجال الشرطة.
وقال مبارك ردا على أسئلة من القاضي إنه لم يتلق تقارير عن وجود مخططات محددة بين الولايات المتحدة وتركيا وجماعة الإخوان أو بين الإخوان وجماعات أخرى للقيام بالانتفاضة على حكمه، لكن كان يسمع قبلها عن ”تنسيقات“ بين الإخوان وجهات خارجية.
وقال مبارك إن الأنفاق بين قطاع غزة وسيناء كانت موجودة قبل عدة سنوات من الانتفاضة ونفى أن تكون قد حُفرت بعلم من الدولة المصرية لكنه اتهم حماس بمنح تصاريح لسكان في غزة لحفر الأنفاق عبر الحدود بغرض التهريب.
ولم يصدر على الفور أي رد فعل من حماس على الاتهامات التي وجهها مبارك للحركة يوم الأربعاء، لكن سبق أن نفت الحركة، التي تربطها علاقات تاريخية وفكرية بجماعة الإخوان، هذه المزاعم مرارا .
وقال مبارك إن حكومته دمرت آلاف الأنفاق مع قطاع غزة مضيفا، أنه اتفق مع وزارة الدفاع على اتخاذ ”إجراء معين“ للقضاء على الأنفاق لكن كانت القوات المصرية تتعرض لإطلاق نار من قطاع غزة عند تنفيذ هذا الإجراء. ورفض الكشف عن تفاصيل.
وقرر القاضي في نهاية جلسة يوم الأربعاء إرجاء النظر في القضية إلى جلسة 24 يناير كانون الثاني المقبل.
وقبل بداية الجلسة وبعد نهايتها، شاهد مراسل من رويترز نحو 30 من أقارب المتهمين وأغلبهم نساء وهم يحاولون التواصل مع المتهمين بالفم والإشارة.
وقال أقارب المتهمين إنه ليس لديهم أمل يذكر في تحقيق العدالة.
وقال أحدهم مشترطا عدم نشر اسمه ”المحكمة هزلية والقضية هزلية“.
وبعد عزل مرسي شنت السلطات حملة أمنية صارمة على جماعة الإخوان وأعلنتها جماعة إرهابية محظورة. وقُتل المئات من أعضاء الجماعة ومؤيديها وزج بالآلاف منهم في السجون. وتنفي الجماعة صلتها بالإرهاب وتقول إنها سلمية.
وأثناء انعقاد جلسة المحاكمة في القاهرة يوم الأربعاء، كان السيسي، الذي أعلن عزل مرسي حين كان يتولى منصب وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، يفتتح مشروعا سكنيا بمدينة الإسكندرية الساحلية.