عن الكاتب

استطيع القول بعد طول تفكير أنه لا يوجد شخص رابح أو شخص خاسر على الدوام، وإن عارضني الكثير في رأيي هذا فلدي المبررات التي سأسوقها في ثنايا هذا المقال، وقد انطلقت في هذا الرأي من مسألة الربح والخسارة في التجارة، واكتشفت أن كثيراً ممن تناقشت معهم، أو ممن مارسوا التجارة لا يعلمون حقيقةً هل هم رابحون أم خاسرون، ولعلي انطلق في تبريري الأول حول ذلك، من فكرة صعوبة قياس الربح والخسارة في التجارة تحديداً، حيث قد تطرأ العديد من المتغيرات والتكاليف غير المتوقعة على سير المشروع، وبالتالي يضطر التاجر إلى إعادة حساباته من جديد، ويدخل حينها في دوامة معقدة، ثم يكتشف لاحقاً أن ما قام برصده وتسجيله من دخل مالي قد تلاشى أو اختفى بعد حدوث تلك المتغيرات.

وإذا أردنا نوسع الدائرة لتشمل دخل الموظف الشهري من وظيفته؛ فسنكتشف أننا نشترك معاً في طريقة التفكير ذاتها، وذلك عندما ندرك أن الدخل الصافي أو الحقيقي الذي يبقى في أرصدتنا هو الدخل الحقيقي لنا بعد خصم المستحقات والالتزامات المالية، بمعنى أنه عندما يتقاضى الموظف راتباً شهرياً يقدر بعشرة آلاف ريال، ثم يقوم بسداد ما عليه من التزامات ومستحقات، ويتبقى في رصيده 1000 ريال فقط، فعندها نستطيع القول بأن الراتب الشهري للموظف هو 1000 ريال، فهل في هذه الحالة يعتبر الموظف رابحاً أم خاسراً، وهل نستطيع القول بأنه في وضع جيد طالما أنه لم يصل لمستوى الصفر، أم نقول أنه في وضع سيء لأنه فقد 90% من دخله الشهري، ولم يتبقى له سوى 10% فقط، والتي ربما لا تكفيه حتى حلول راتب الشهري الثاني.

ويزداد الأمر تعقيداً إذا ما أردنا الحكم على ذلك الموظف بأنه رابح أم خاسر، وذلك عندما يوجد لدى معظم الموظفين مداخيل مالية إضافية، سواءً كانت معلنة أم غير معلنة، فهنا قد يتغير الحكم على هذا الموظف الذي يتقاضى 1000 ريال من أصل 10000 ريال، وذلك بعد احتساب الدخل الإضافي الذي يصل إلى 5000 ريال مثلاً، وينطبق المثال كذلك في رأيي على السلع والخدمات التي نستخدمها، حيث تختلف قيمتها من شخص إلى شخص ومن حالة إلى حالة، فعلى سبيل المثال عندما تشتري سيارة جديدة وتستخدمها لمدة 10 سنوات، وتذهب بها يومياً إلى عملك وتسافر بها وتتنقل بها من مكان إلى مكان، فهل نستطيع القول بأنك رابح لأنك استخدمتها لفترة طويلة، ووفرت على نفسك الكثير من المال والوقت والجهد، أم نقول بأنك خاسر لأنك أضعت على نفسك فرصة شراء أكثر من سيارة بتقنيات ومميزات حديثة خلال السنوات العشر التي استخدمت فيها سيارة واحدة، وكذلك عندما تريد بيع تلك السيارة فإنك تبيعها بمبلغ قليل مقارنة بالمبلغ الذي اشتريتها به عندما كانت جديدة، ومن يشتريها بذلك المبلغ الزهيد فإنه ينظر إليها كنظرتك لها عندما اقتنيتها وهي جديدة، فهل هو رابح لأنه اشترى السيارة بمبلغ قليل، أو خاسر لأنه اشترى سيارة مستهلكة.

لذلك من المهم جداً أن نغير طريقة تفكيرنا في مسألة الدخل والربح والخسارة في التجارة تحديداً، ومن المهم كذلك أن نطبق بعض الطرق المفيدة التي تجلب لنا العوائد المالية، ونتجنب التصرف بالطرق التي قد تندرج تحت مفهوم حب التملك بأقل الأسعار، وشخصياً لا تروق لي الطريقة التي يحاول بها البعض شراء السلع بعد تخفيض سعرها وهو ما يسمى شعبياً (المكاسر)، وعلينا أن نفترض حسن النية في البائع، ونتوقع أنه في حاجة ماسة للمبلغ الذي نحاول تخفيضه، ونفترض كذلك أن البائع هو أحد أقاربنا أو من تربطنا بهم علاقة الجوار أو الصداقة أو غيرها، ونشتري منه بحسن النية وندعو له بالبركة، لأنك لا تعلم في النهاية هل ستستفيد من تلك المبالغ التي ستوفرها بتلك الطريقة أم تذهب هباءً منثورا.

 

أ. شويش القهد

“صحيفة المشهد الإخبارية”

شارك هذا المقال

آخر الأخبار

مداولات حول الربح والخسارة

الخميس, 4 ديسمبر, 2025

60 ألف ريال لمتضرري التسمم الغذائي.. وإحالة المتسببين بالوفاة للنيابة العامة

الجمعة, 28 نوفمبر, 2025

إحالة 6 أشخاص إلى النيابة العامة لنشرهم محتوى يستهدف تأجيج الرأي العام

الخميس, 27 نوفمبر, 2025

ثغرة في «واتساب» تسرّب أرقام 3.5 مليار مستخدم

الخميس, 27 نوفمبر, 2025

ترمب: نأمل أن يتحقق السلام في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن

الأربعاء, 26 نوفمبر, 2025

ألبوم الصور

كتاب الرأي

مقالات أخرى للكاتب

اضف تعليقاً