عن الكاتب

كنت أسير خلف أحد الأشخاص والذي لن تخطئ العين معرفة أنه من أحد الدول الغربية. كان يحمل في كل يد عبوة فارغة من مياه الشرب. لم أتمالك نفسي من السرحان في التخيل والتساؤلات عما يمكن أن يريد بهاتين العبوتين؟ لقد شرقت وغربت في سبيل توقع الأسباب وكان أكثرها سيطرة على عقلي هو “حرصه وبخله الشديد” قلت لنفسي سبحان الله هذا الرجل يتقاضى راتب ضخم ولكن بخله يمنعه من أن يصرف على نفسه حتى في شرب الماء لا اشك انه يقوم باعادة تعبئتها من البرادات ثم يأخذهما معه عند خروجه من المبنى مرة اخرى كي لا يضطر الى شراء الماء. إنه حريص على تحويل كل هللة الى حسابه في بلده  و..و..و.. ولكم أن تتخيلوا ما بدا لكم من التوقعات التي أغرقت بها نفسي والتي لا تخرج عن تكريس فكرة صفة البخل والحرص على المال عند هذا الرجل.

لم يتوقف سيل تلك الأفكار التي كنت أضرب بها يمنة ويسرة إلا عندما رأيته يتجه الى صندوق التدوير ويضع العلبتين في المكان المخصص لتدوير العلب البلاستيكية. عندها فقط انقلبت الموازين وعرفت انه كان يحرص على البيئة وليس بخل بل عطاء لا يماثله أي عطاء. فهو ساعد في عمل اجتماعي بصورة تطوعية  وبتحفيز من نفسه  ولم يمنعه أي مانع من القيام بذلك. عندها انصدمت وعرفت فقط بأن هناك فارق صارخ في طريقة تفكيري وتفكير ذلك الرجل.

بعد تلك الحادثة بما يقارب الاسبوع وعند نزولي من سيارتي لاحظت وجود عبوتين فارغتين فقلت لنفسي لماذا لا أفعل كما فعل ذلك الرجل النبيل. وبالفعل عقدت العزم على حملهما ولكن وبعد ما يقرب من العشرين خطوة انتابني شعور لا يوصف وكأن جميع الناس من حولي ومن في المبنى  ينظرون الي ويرددون ما كنت اردده على ذلك الرجل المسكين،  هذا ينظر وذاك يهمس والأخر يصرخ فما كان مني سوى البحث عن أقرب حاوية للنفايات ورميت بهما، ثم وقفت برهة متعللاً بتنظيف يدي -النظيفة اصلا- من أثار تلك العبوتين، ثم إستدرت باحثا عن  أقرب شخص حولي كي أحملق بعينيه لأقطع حبل أفكاره السيئة فيني وليعلم تمام المعرفة انني لست بالشخص البخيل الذي كان يعتقد، وأن كل أوهامه خابت وخسرت؟ ولكن ولهول المفاجئة  لم الاحظ أحدا يسير بالقرب مني او ينظر الي؟ يا للهول اين الناس؟ اين أولائك الذين كانوا يصرخون، ويهمسون، ويضحكون على ما فعلت؟ لماذا صرخت هذه الاصوات علي ومنعتني ولم تصرخ على ذلك الرجل النبيل؟

الجواب بكل بساطة غير أفكارك يتغير ما حولك؟ وأعلم أن التصورات والأفكار التي وضعتها ووصفت بها الآخرين هي من يتمثل لك بهيئة أناس يحيطون بك ويستهزئون منك ويمنعونك من القيام بأعمال الخير مثلما هي التي تشحذ همتك للقيام بأشياء جميلة ورائعة. ولهذا أنت من يقود نفسك للخير او الشر لأن فيك يجتمع الناس كشخوص ممثلة لأفكارك وتصوراتك التي غذيت بها نفسك.

أخيرا،أنت أفكارك! أقفل باب الأفكار السلبية التي تكونها عن الآخرين … وأفتح باب الأفكار الإيجابية، لتحدث التغيير الايجابي في حياتك وتصرفاتك؛ حينها ستجد نفسك قادر على التعامل مع الامور بأريحية دون خوف أوتردد، ولن تجد أولائك الناس الذين يمنعونك من فعل الخير، بل ستجد الدعم والتشجيع لأنه نابع من ذاتك، وتذكر أنك الناس!.

م. حسين سالم آل سنان

“نجران نيوز”

شارك هذا المقال

آخر الأخبار

الفيفا يعتمد قائمة الحكام السعوديين المعتمدين لعام 2025

الأربعاء, 18 ديسمبر, 2024

بعد موافقة مجلس الوزراء.. وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تستعرض أبرز ملامح سلم رواتب الوظائف الهندسية

الثلاثاء, 17 ديسمبر, 2024

المملكة تطلق للعالم “إعلان الرياض” لذكاء اصطناعي شمولي ومبتكر ومؤثر لخير البشرية

الإثنين, 16 ديسمبر, 2024

استمراراً لتعزيز التجربة الرقمية التأمينات الاجتماعية تطلق خدمة مؤشر الالتزام للمنشآت

الإثنين, 16 ديسمبر, 2024

وداعاً زحمة الرياض

الإثنين, 16 ديسمبر, 2024

ألبوم الصور

كتاب الرأي

مقالات أخرى للكاتب

2 Comments

  1. ابن سنان مارس 7, 2016 في 3:31 م - الرد

    دائما مبدع ومتألق …
    سرد جميل والاجمل الرساله بين السطور …
    دمت بود ،،،،

  2. بنت نجران مارس 7, 2016 في 4:04 م - الرد

    شكرا لك اخ حسين على هذا المقال الجميل

اضف تعليقاً