عن الكاتب
في زوايا البيت الصامت تتردد ضحكات غابت وأصوات كانت تملأ المكان دفئاً وأماناً. كانت أماً ، قلبها ينبض بحبٍ يفترض ألا ينضب، لكنّها رحلت.
لم تمت… بل غادرت بكامل إرادتها
وتركت خلفها أطفالاً ما زالوا يرتدون قمصان الحنين وينامون على وسائد الشوق.
تزوجت هكذا ببساطة. ارتدت ثوباً أبيض
وزُفّت إلى حياة جديدة وكأن الماضي
لم يكن يحتوي أرواحاً صغيرة تعلقت بأهدابها .تاهت خطواتهم بعدها
وأصبحوا لا يفهمون لماذا لم تكن أمهم معهم حين مرضوا، حين بكوا، حين احتاجوا حضنها لتقول: “أنا هنا لا تخافوا “
هل كانت قسوة الزمن؟ أم قسوة القلب؟
هل من حقها أن تبحث عن سعادتها وتترك سعادة أولادها معلّقة في سقف الانتظار؟
هل الأمومة عقدٌ يمكن فسخه بسهولة حين تدق أبواب الرغبات؟
لم يكن الأطفال بحاجة إلى الهدايا التي أرسلتها لاحقاً ولا إلى صوتها البعيد عبر الهاتف. كانوا يريدون لمسة، همسة، نظرة تزرع فيهم الطمأنينة. كانوا يريدون أن يشعروا أنها لم تختر غيرهم
أنها لم تغادرهم عن طيب خاطر.
كبروا ..لكن بداخلهم شيء مكسور. لا شيء يعيد تلك اللحظة التي انتظروها ولم تأتِ.
لا أحد يستطيع أن يملأ غياب الأم مهما كان حنوناً . لأنها هي البداية… وهي الوطن الأول الذي ما إن يُهجر يُترك القلب بلا عنوان.
فيا من تتركين أطفالك خلفك من أجل رجلٍ أو حياة جديدة…تذكري أنهم ليسوا عبئاً
بل هم أثمن ما كان يمكن أن يبقيك حيّة في قلوب لا تنسى.
فالسعادة التي تُبنى فوق دموع الصغار لا تُزهر أبداً
أ. حسين عقيل
” صحيفة المشهد الإخبارية”