عن الكاتب
عن كفاح المرأة في المنزل وبعيداً عن التفاصيل كانت قد انتهت من إعداد وجبة الغداء لتنتظر عودتهم من المدرسة والجامعة ، وكما هو معلوم أن لكل مرحلة دراسية وقت محدد للخروج ، لذلك كانوا إخوتها يأتون على دفعات متتالية ، كانت تنتظر إلى أن يجتمعوا جميعهم في المنزل , ثم تبدأ بتفريغ وجبة الغداء لهم , هذه الوجبة التي تبدع في إعدادها بأكثر من صنف غذائي مكافأة لتعبهم وخروجهم من المنزل لأجل الدراسة من الصباح إلى بعد الظهير ، ثم تنتظر إلى أن ينهوا طعامهم لتذهب لغسل الأواني وترتيب المنزل من عبث إخوتها ، كان روتينها اليومي هكذا مابين ترتيب وإعداد وتنفيذ لم تعطي نفسها إلا لهم , ولم تمنح نفسها الراحة إلا براحتهم ، أسست فيهم التفوق والمثابرة والنجاح في مراحلهم التعليمية , كانت تعتقد إنها كل شيء بالنسبة لهم – وهو كذلك – إلا بعد أن رأت فيهم أنهم أصبحوا إتكاليين معها , ولا يوفونها حقها وكُل منهم بدأ ينظر لنفسه ولا ينظر لها بل وضعوها في منطقة التهميش حتى كأنها كما وصفت نفسها : ” كالمسند الذي يستندون إليه وقت التعب والحاجة “!
فقررت ذات يوم أن تعيش لها ، وأن تتركهم يعيشون حياتهم كما يشاءُون وكما يرون ويحبون ، قررت أن تمنح نفسها الحياة التي لطالما تمنتها وحرمت نفسها منها عمداً لأجلهم ، وأن تعطي نفسها أيضاً حقها الذي ظلت تماري فيه من أجلهم ، فأول ما قامت به إنها التحقت بوظيفة خاصة التي أخذتها من المنزل فترة صباحية ومسائية , وبدأت سير حياتها فيها ومع التزامات العمل انسلخت من مسؤولية إخوتها كما أرادوا ذلك , ووصل بهم الحال بعد أن أوقفتهم على أقدامهم أن يتذمرا منها ,ومن نظامها المثالي كما عبرت في : الأكل ,والترتيب ,والدراسة ,وغيرها من الشؤون الروتينية في المنزل .
وبعد أن انطلقت في فلك الحياة وأزهرت فيها , بدأت تنظر لإخوتها بشفقة , وقد حز في نفسها ما آلوا إليه , ومع ذلك هي ليست نادمة على قرارها الذي اتخذته حيالهم مهما كان حجم الضرر الذي لحق بهم ؛ لأنه قرارهم أولاً , ولأنها كانت تريد أن توصل لهم رسالة , وربما أن هذه الرسالة وصلت واستقرت في أفئدتهم بعد أن قدموا لها تكريماً واعتذاراً عن كل الخلافات والصراعات واللحظات الجنونية التي كانوا يمارسونها عليها حيث قالت إن أصغر إخوتها قال : “أحب قسوتك لأن يقابلها حنان” وقال أكبرهم : ” لا تتخذي قرارات عبثية حيالنا يا أختي لأننا من دونك ولا شيء ”
على الهامش
في ذروة ركضك تذكر أن الذي دفعك إلى الحياة هي : ” امرأة ”
أ. صباح الأسمري
“نجران نيوز”