*مشاركة في أمسية اللجنة الثقافية بمحايل عسير التابعة لنادي أبها الأدبي

بمناسبة ذكرى البيعة !!

د. يوسف حسن العارف

مساء الأربعاء ١٠/٤/١٤٤٢هـ

 

الحمدلله .. والصلاة..

# الشكر أولا لله الذي جمعنا عبر هذا الأثير لنتحدث عن الوطن ومنجزاته بمناسبة ذكرى البيعة السادسة لخادم الحرمين الملك سلمان حفظه الله.

والشكر لمديرة الجلسة د. فاطمة جابر المسهري وشكرا للزملاء في نادي أبها الأدبي، ثم الشكر للزملاء في اللجنة الثقافية بمحايل عسير على هذه الدعوة والاستضافة.

ثم التهنئة لأنفسنا ولجميع المواطنين والمقيمين وللقيادة الرشيدة وللحكومة الموقرة بهذه المناسبة مرور ست سنوات على بيعة خادم الحرمين وتجديد الولاء والبيعة لهذا القائد/ الرمز، ولولي العهد الأمين على السمع والطاعة مع الدعاء أن يحفظ الله هذه القيادة ويديم علينا الأمن والاستقرار والتقدم إن الله على كل شيء قدير.

واسمحوا لي أولاً أن أبدأ مداخلتي بهذه التحية الشعرية:

فقد بدأت علاقتي الأولى بعهد الملك سلمان ..

يوم الجمعة ٣/٤/١٤٣٦هـ – كنت في آخر أيام إجازة عائلية أنا وزوجتي قضيناها في ينبع، ونحن عائدون – منذ الصباح استمعت في الإذاعة خبر وفاة الملك عبد الله رحمه الله وتولي الملك سلمان مقاليد الحكم وأن الدفن عصرًا والبيعة مساءً. وهذا دأب القيادة السعودية في تداول الحكم والسلطة، لا يوجد فراغ دستوري ولا أيام انتظار، ولكن مباشرة يتولى الخلف مكان السلف في بيعة خاصة للأسرة الحاكمة وبيعة عامة للشعب كافة. متذكرًا هنا قول القائل :

إذا مات منا سيد

قام فينا سيد !!

 

نعم أيها الإخوة، وصلت جدة ومباشرة مررت بقصر الملك عبد الله رحمه الله في حي المرجان ولم أتمالك نفسي والدموع تنهمر والقصيدة تتوارد عزاءً ورثاءً وبيعة للملك سلمان. فكانت هذه القصيدة الطويلة ومنها أختار الأبيات التالية:

 

أتيت للقصر استقصي الذي صارا

فقلت هل مات من عمَّر الدارا

 

فقال ما مات من كانت مآثره

عدلاً شهدناه في الآفاق ديارا

 

فقد كان للخير نبراساً ومعجزة

وكان للمجد سباقًا وسيارا

 

مامات من كان سلمان له خلف

كلا ولا مات من آنسته جارا

 

عزاؤنا فيه سلمان وإخوته

تسابقوا للعلا مجدًا وآثارا

 

سلمان قائدنا بذلاً وتضحية

تاج العلوم وفي الساحات مغوارا

 

يارب سدد على الإيمان خطوته

واجعل لمن مات فردوساً وأنهارا

 

ثم أما بعد:

إخواني – أخواتي:

نحن نتحدث عن (ست سنوات) فقط من عمر الحضارات قصير جدًا إذا قيست بالتحولات والمنجزات. لكن الراصد المنصف سيجد الكثير والكثير من المنجزات التنموية والحضارية والسياسية والاقتصادية تؤكد ماوصلت إليه بلادنا من تقدم واحترام وقيادة عالمية وسبق حضاري أممي لم يتحقق في عشراتٍ من السنين في بعض البلاد المتقدمة !!

قد يستغرب البعض -هذا الكلام- ولكن من يتأمل شخصيته هذا القائد/ الملك/ الملهم، وتكونه القيادي سيتأكد أن وراء هذه المنجزات شخصية حازمة، خبيرة، لديها استعداد قيادي فطري ومكتسب فمثلاً: هو نشأ في رعاية والد عظيم، والد مؤسس والد يصنع البطولات وينشئ الأبناء عليها رحمه الله هو تتلمذ وعايش وتمدرس سياسيًا وعملياً على يد الملوك الأوائل (سعود، فيصل، خالد، فهد، عبد الله) والعظماء الراحلين من آل سعود (سلطان، نايف، وغيرهم) فقد شاركهم طوال كل تلك التحولات الوطنية منذ ١٣٧٣هـ. وحتى ١٤٣٦هـ.

هو أدار الحكم في منطقة الرياض أميرًا وحاكمًا إداريًا طوال خمسين عاماً وأكثر . استطاع أن يحول هذه الديرة/ البلدة إلى عاصمة عالمية في جميع المجالات التنموية والعمرانية، والحضارية.

هو وصل إلى سدة الحكم ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء قبل سنتين من وفاة الملك عبد الله رحمه الله. ثم وزيرًا للدفاع.

هو ترأس العديد من اللجان الخيرية والسياسية والاقتصادية والتنموية والإنسانية والتاريخية التي أسهمت في تشكيل شخصيته القيادية.

• توج ذلك كله بالحصول على شهادات الدكتوراة الفخرية من العديد من الجامعات الدولية والأوسمة والجوائز الرفيعة إذاً … لا غرو أن يتحقق لبلادنا الكثير والكثير من التقدم والتطور عبر هذه السنوات الست من عمر الحكم السلماني إذا صح التعبير !!

عفواً إخواني:

أنا هنا سأشير إلى ملفات ومشاريع كنماذج فقط لما تحقق على يدي جلالته حفظه الله وحكومته الرشيدة خلال هذه الست سنوات:

# أول مافتحت عيني على هذه المرحلة من حكم خادم الحرمين سلمان بن عبد العزيز يوم بيعته ٣/٤/١٤٣٦هـ. وبعدها ب ست أيام يوم ٩/٤/١٤٣٦هـ تصدر الأوامر الملكية الجديدة -في هذه المرحلة- قرارات تطويرية -تغييرية- بنائية فيها الكثير من الطموحات والتوجهات المستقبلية. ومن أبرزها:

• إعادة تشكيل مجلس الوزراء/ إعفاء وتعيينات.
• دمج وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم في وزارة واحدة وزارة التعليم.
• تغييرات شاملة في المناصب القيادية.
• إنشاء مجلسين جديدين (مجلس الشؤون الأمنية والسياسية، مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية) وإلغاء هيئات ومجالس قديمة.
• دعم الجمعيات الخيرية.
• إعادة تشكيل اللجنة العاملة لمجلس الوزراء.
• العفو عن السجناء بالحق العام.

هذه القرارات الأولية تعني أن هذا العهد عهد إنجاز متسارع !!

# وثاني المنجزات الملكية التي أدهشتني ونحن في بداية العهد السلماني وهو إعلان عاصفة الحزم مساء الخميس ٥/٦/١٤٣٦هـ أي بعد شهرين من البيعة !! واليوم تصل عامها السادس !!

والمتأمل في دلالات هذه العاصفة ومقاصدها وعملياتها يقف احترامًا واندهاشًا من البعد السياسي والحربي والاستراتيجي الذي تمثله، وعلى المستوى الفكر-سياسي لخادم الحرمين الملك سلمان وقيادته الرشيدة: فهي:-

أولا – استجابة لطلب الحكومة الشرعية في اليمن للمساعدة وإعادة الشرعية على كامل الأراضي اليمنية التي احتلتها الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

وهي ثانيًا – تحجيم للمشروع الحوثي/ الإيراني ومحاولات التمدد الفارسي في المنطقة وإيقاف الاستراتيجيات التوسعية الفارسية.

وهي ثالثًا – لحظة تاريخية وقرار حازم وحاسم لإعادة اليمن إلى محيطه العربي والإقيلمي.

وهي رابعًا – تعمل عبر مسارين، مسار الحفاظ وعدم الإضرار بالشعب اليمني المبتلى بالحوثيين وإعادة إعمار اليمن سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. ومسار كبح جماع الحوثيين ومن ورائهم من الفرس والإيرانيين لتطويق المملكة من حدها الجنوبي.

وهي خامسًا – ليست خيارًا محببًا للسعودية وقيادتها ولكنها أقل الضررين لمواجهة ماهو أسوأ مستقبلًا.

وأخيرًا فهي – دالة على الموقف السعودي قيادة وحكومة وملكاً وشعباً المؤثر في المحيط العربي حيث انضم لهذه العاصفة تحالفاً عربياً من عشر دولٍ يساندون السعودية في الحرب على الحوثيين ومن وراءهم.

# وثالث المنجزات السعودية في هذا العهد المبارك – عهد الملك سلمان -ذو الست سنوات حتى اليوم- هو تمكين الجيل الشاب/ الثاني من أبناء الأسرة السعودية الحاكمة من مفاصل العمل القيادي في المناطق والوزارات والهيئات الاستشارية والقيادات العسكرية ، وبالتالي تمكين الشباب من المواطنين في الأعمال الريادية استشعارًا بهذا الجيل وقدرته على مسايرة التطوير والتعبير. وهذا يعني التحديث والتطوير المجتمعي وضخ دماء شابة حيوية لقيادة المسيرة المستقبلية.

وكانت بداية التمكين هي تعيين الأمير الشاب محمد بن سلمان ولياً للعهد عام ١٤٣٨هـ.

ومن هنا تبدأ باقي المنجزات السلمانية !!

وأولها وأهمها وركيزتها : الرؤية الوطنية الطموحة والمستقبلية 2030 والتي تقوم على ثلاث دعائم :

• المجتمع الحيوي
• الاقتصاد المزدهر
• الوطن الطموح

ويؤطر ذلك كله كلمة خادم الحرمين عند إطلاقها حيث قال:

“هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك”

لاحظوا هذه الجملة ففيها استشعار من خادم الحرمين الشريفين أنه بالشعب ومع الشعب سوف يعمل على تحقيق هذه الرؤية. وهذه قمة الشفافية والجماعية واستشعار مكامن القوة والمسؤولية.

وخلال السنوات الست كان الملك سلمان وولي عهده الشاب محمد بن سلمان يعملون الليل والنهار لتحقيق هذه الرؤية بوصفها خارطة طريق المستقبل المأمول .

ففي مجال المجتمع الحيوي:

# معالجة ملف البطالة والإسكان وإصلاح سوق العمل، وثبات الرواتب والمنافع الاجتماعية والحوكمة الرقمية والحملة على الفساد والتطرف والإرهاب وبث السماحة وقبول الاخر.

# الاهتمام بالسياحة والآثار والتنوع الثقافي والتراث البيئي ومجالات الترفيه المتنوعية.

# تمكين المرأة السعودية بحيث تكون شريكًا فعالًا في تنمية الوطن وتقدمه واستقراره.

# البدء في مشاريع المدن الذكية ووضع السياحة في مقدمة الأولويات، في القدية- العلا- نيوم- أمالا- جزر البحر الأحمر … وغيرها من المشاريع السياحية.

# مشروع الطاقة المتجددة/ الشمسية

# توطين الصناعات في السعودية

# مجالس للمحميات الملكية.

وفي مجال الاقتصاد المزدهر:

# مضاعفة حجم الاقتصاد وتنويعه وعدم الاعتماد على النفط وتعزيز الإيرادات غير النفطية.

# توقيع الاتفاقيات الدولية لتقوية الاقتصاد السعودي من خلال الشراكات الصناعية والتجارية والاقتصادية.

# إيجاد ثقل سياسي واقتصادي للسعودية في جميع المحافل الدولية اقتصاديًا وسياسيًا ، وقيادة العالم في قمة العشرين.

وفي مجال الوطن الطموح:

# القضاء على مشاكل التوجهات الأيدولوجية والجماعات الحزبية.

# دعم الجهود الخيرية وخدمة المسلمين وتهيئة الحرمين وتوسعتهما لتسهيل الحج والعمرة والزيارة.

# الاهتمام ببرنامج التحول الرقمي والحوكمة الإلكترونية، ليؤكد امتلاك المملكة للبنية التحتية الرقمية للاتصالات وتقنية المعلومات والتحول نحو التعليم عن بعد ومنصات التعليم الإلكتروني.

# تنظيم وتنفيذ القمم التاريخية الثلاثة لرسم العلاقة بين الإسلام والغرب وإزالة مفهوم الإسلام فوبيا.

# إنشاء مجمع الملك سلمان لطباعة الحديث الشريف ومجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية.

 

# وفي خضم هذه المنجزات تأتي جائحة كورونا ويدخل العالم كله والدول المتقدمة في نفق مظلم. لكن قيادة الملك سلمان وحكومته الرشيدة ونظرته الإنسانية أدار ملف الجائحة بكل اقتدار جعل العالم ينظر باندهاش وإعجاب. فقد فتح العلاج المجاني للمواطنين والمقيمين وإغلاق التجمعات والمطارات للتقليل من عدوى الفيروس ونفذ مبدأ الحجر والعزل. والاهتمام بالفريق الصحي المشرف على هذه الجائحة، وتنظيم مناسك الحج والعمرة والزيارة للحرمين الشريفين وفق ضوابط شرعية وصحية وإنسانية.

ختام: وكل هذه الإنجازات التقدمية التي حصلت في (ست سنوات) فقط منذ البيعة وحتى اليوم، لم تكن لتتحقق لولا توفيق الله، وحنكة الملك سلمان وجهوده الحثيثة ورؤيته العصرية والمستقبلية وجهود ولي العهد الأمين. ومعهم وورائهم المواطن السعودي المبادر والمنجز وصاحب الكفاءة والانتماء والمواطنة الصادقة والولاء الكبير لأمته ووطنه وقيادته وهذا مايجعلنا بكل فخر نقول:

ارفع الرأس أنت سعودي !!

حفظ الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان ونجدد لهما البيعة في المنشط والمكره.

 

والحمدلله رب العالمين